في أوئل القرن التاسع عشر، اخترع الانجليزي تشارلز بابدج أول ماكينة ميكانيكية للحساب، اعتُبرت أول كمبيوتر، لذلك لقب بـ "أبو الكمبيوتر". ماكينة بابدج تعمل كآلة حاسبة للأعداد، وطورها إلي آلة تعمل بالبخار. ولكن هذه الآلة اختلفت عن الآلات التي سبقتها لأنها تشابه كثيراً الكمبيوتر الحديث المتداول حالياً، وذلك لأن الماكينة كان باستطاعتها تنفيذ أوامر (أي برنامج صغير) وكانت تحتوي على ذاكرة، ووحدتي ادخال واخراج للبيانات من وحدة أخرى تسمى وحدة الحساب والتعليمات. كل وحدة كانت منفصلة عن الأخرى، مما ساعد على تطوير كل وحدة على حدى ، وهو ما يحدث حالياً في أجهزة الكمبيوتر الحديثة.
نشأ اسم الكمبيوتر (Computer) في هذا العصر، وذلك لأن الأشخاص الذين كانوا يقومون بالعمليات الحسابية وقتها كان يطلق عليهم الحاسبون (Computers) وهي كلمة مأخوذة من (Compute) أي يحسب.
وفي خلال القرن التاسع عشر تم أيضاً تطوير استخدام النظام الثنائي العددي (المكون من الصفر والواحد) بدلاً من النظام العشري المتعارف عليه في الحساب. واستخدم هذا النظام الثنائي بعد ذلك في تصميم دوائر الكمبيوتر الكهربائية، بحيث تُمثل كل البيانات في صورة أرقام (0,1). وهذا النظام العددي سهل تصميم الدوائر الكهربائية لأن الرقم واحد يُـمّثل بـفولت عالٍ والصفر يمثل بـفولت منخفض. وحتى الآن، تمثل كل البيانات داخل الكمبيوتر في صورة الصفر والواحد!
ماكينة بابدج
الثورة التكنولوجية في القرن العشرين
نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهدا تطور الكمبيوتر كما نراه الآن. ففي عام 1890 طور دكتور هيرمان هوليريث (Herman Hollerith)ماكينة الكتروميكانيكية (كهربائية - ميكانيكية) لادخال ومعالجة البيانات في صورة الأوراق المثقوبة (Punched Cards) (وهي نفس فكرة ماكينة جاكار) ، واستُخدمت ماكينة هوليريث في تجميع بيانات التعداد الأمريكي. نجحت هذه الماكينة جداً في السوق الأمريكي، حتى أن صاحبها هيرمان هوليريث أنشأ شركة لتسويق الماكينة أسماها الشركة الدولية لصناعة الآلات(International Business Machines) والمعروفة بـ (IBM).
وفي عام 1939 قام الدكتور جون أتاناسوف( (Dr. John V. Atanasoff بجامعة أيوا الأمريكية ومساعده كليفورد بيري (Clifford Berry) ببناء أول جهاز كمبيوتر الكتروني رقمي. هذا الجهاز اعتُبر أول كمبيوتر حقيقي لأنه مهد التطور اللاحق في مجال الكمبيوتر الالكتروني، وذلك لأن الجهاز كان قائماً على ثلاثة مبادىء أساسية وهي:
1. استخدام الأعداد الثنائية لتمثيل الأرقام والبيانات (0و1)
2. القيام بالعمليات الحسابية باستخدام دوائر الكترونية بدلاً من العجلات و المفاتيح الميكانيكية.
3. بناء نظام يعتمد على فصل العمليات الحسابية عن الذاكرة.
وفي عام 1941 قدم الألماني كونراد تسوز (Konrad Zuse) أول ماكينة كمبيوتر يمكن برمجتها لحل المعادلات الحسابية المعقدة.
واستمرت التطورات في مجال الكمبيوتر الالكتروني حتى تطورت لغات البرمجة وأصبح من الممكن كتابة برنامج بلغة شبيهة للغة الانجليزية يفهمه الكمبيوتر وينفذه (البرنامج هو مجموعة من الأوامر).
بداية السبعينيات من القرن الماضي شهدت تطوراً كبيراً، حيث اخترع مجموعة من العلماء بشركة انتل (Intel) أول معالج على شريحة (microprocessor) ، بحيث تجمعت كل المكونات التي تتحكم في الكمبيوتر على شريحة واحدة، واصبح من الممكن برمجة هذه الشريحة لتعمل بشكل معين، وكان هذا أساس للتطور أيضاً في جميع الأجهزة الكهربائية الموجودة حالياً.
وفي عام 1975 طور بيل جيتسBill Gates) ) وباول ألن (Paul Allen) أول برنامج يترجم لغة البرمجة الباسيك (Basic) على جهاز كمبيوتر موديل Altair 8800. ومن هنا، نشأت شركة مايكروسوفت (Microsoft) الشهيرة للبرمجيات. واعتُبر أول نجاح لشركة مايكروسوفت هو نجاحهم في تسويق أول نظام تشغيل للكمبيوتر Operating) (System وهو الـدوس (DOS) Disk Operating System. ومن هنا كانت البداية في انتشار وتطور العديد والعديد من البرمجيات مثل برامج الكتابة والمحاسبة، و نظام التشغيل الويندوز (Windows) الذي تم اصدار أول نسخة منه عام 1985. وتسابقت الشركتان الأكثر شهرة، مايكروسوفت (Microsoft) وأي بي ام (IBM) في اصدار أنظمة تشغيل وبرامج ذات واجهة ملونة وبالصور (Graphical User Interface)، لتسهل بذلك على المستخدم التفاعل مع الكمبيوتر.
وبهذا، ومع الاستمرار في التطور الالكتروني، صغر حجم جهاز الكمبيوتر واستحدث مفهوم الكمبيوتر الشخصي (Personal Computer) بحيث يمكن لكل شخص أن يمتلك جهاز كمبيوتر خاص به.
أنواع أجهزة الكمبيوتر الموجودة حالياً
الآن وبعد كل هذا الانجاز العظيم في مجال الكمبيوتر، أصبحت هناك أنواع كثيرة من هذا الجهاز الذي فرض هيمنته على العالم في جميع المجالات والنواحي الحياتية. فمثلاً، هناك أجهزة كمبيوتر كبيرة الحجم (Super Computer) تتميز بسرعة عالية وامكانيات متطورة جداً، ويتم استخدامها في المنشآت والمشاريع الضخمة مثل المحاكاة العلمية (Scientific Simulation)، الرسوم المتحركة، الطاقة النووية، البحث الالكتروني (على شبكة الانترنت)، وتصميم وتحليل البيانات الجيولوجية (مثل التنقيب في البتروكيماويات).
وهناك أيضاً أجهزة متوسطة الحجم والقدرة مثل الـ (Workstation) وتستخدم في التطبيقات الهندسية، تطوير البرمجيات ، التعامل مع الرسومات عالية الدقة، وأنواع أخرى من التطبيقات التي تتطلب سرعة وامكانيات معتدلة.
وأخيراً، هناك الكمبيوتر الشخصي (Personal Computer) الموجود في المنازل، والكمبيوتر المحمول (Laptop) بأحجام مختلفة تصل إلي حجم كف اليد (Palmtop)، ويمكن أن يعمل بلمس الشاشة بقلم أو باصبع اليد أو بعدة أصابع في عدة أماكن على سطح الشاشة في وقت واحد (MultiTouch) !
لن يتوقف التطور في مجال الكمبيوتر، فالمستقبل سيشهد تحديات كبيرة وكثيرة. البحث العلمي يتجه الآن نحو الذكاء الاصطناعي، الذي هو واحد من أهم المجالات الآن، والذي يمكن أن نتخيله في صورة آلات كاملة العواطف، وهو تلبية لاحتياجات البشرية في كل مكان. حيث يمكن للكمبيوتر التعرف على الكلمات وفهم ما يوجه له من أوامر لتنفيذها، مما يجعل احتمالاً لإستبدال العديد ممن يعملون بوظائف كثيرة بآلات شبيهة بالإنسان الآلي.
تعليقات
إرسال تعليق